القذف الإلكترونيُّ، مفهومه، مخاطره، وعقوبته في الفقه الإسلاميِّ والقانون

(دراسة فقهيَّة قانونيَّة مقارنة)

الملخص

تهدف هذه الدراسة إلى بيان مفهوم القذف الإلكترونيِّ في الشريعة والقانون، فالشريعة الإسلاميَّةَّ قسمت القذف إلى خاصٍّ وعام، فأمَّا الخاص فهو عبارة عن رمي المجنيِّ عليه بالزنا، أو نفي نسبه، صراحة أو دلالة، بأيِّ وسيلة من الوسائل الإلكترونيَّة، سواءً كان الرمي كتابة أو مشافهة، وهذه جريمة حدِّيَّةٌ مقدرة، والعامُّ يشمل جميع أنواع السبِّ والذمِّ والتشهير، وعقوبته تعزيريَّة، أمَّا القانون فلم يفرق بين الرمي بالزنا، وغيره من أنواع القدح والتشهير والتعيير، وجعل عقوبة كلِّ هذه الأنواع والصور بنفس المقدار، وأظهرت الدراسة الوسائل التي يتبعها الجناة لتنفيذ جرائمهم، عبر استغلال شبكة الاتِّصالات العالميَّة(الإنترنت) وتقنياتها المختلفة وتوظيفها في القذف، والتشهير بأعراض الناس، وتشويه سمعتهم، وإلحاق الأذى المعنويِّ بهم، وبيَّنت مخاطر القذف الإلكترونيِّ في نشر الفتن، وزعزعة الأمن، والإخلال بالسلم الأهلي، وعرضت سبلاً للوقاية من خطر هذه الجريمة، بتغليظ إثمها، والوعيد الشديد بحقِّ مُروِّجيها، وإرشاد الناس إلى التثبت من الأخبار وعدم ترويجها، وشددَّت الشَّريعةُ الإسلاميَّة على القاذف في وسائل  إثبات صدق ما يدعيه، وقارنت بين المفاهيم الفقهية والقانونية، وعرضت أدلة التحريم والتجريم للقذف بكل أشكاله وصوره ووسائله، و الأركان والشروط اللازم توفرها حتى يعاقب الجاني بعقوبة القذف أو التشهير، والعقوبات المترتبة على كل نوع من أنواع القذف والتشهير، وامتاز التشريع الجنائيُّ الإسلامي على التشريع القانونيِّ بعدم اشتراطه العلانية في القذف، بل عدَّ قذف الجاني للمجني عليه سراً جريمة موجبة للعقوبة كما في القذف العلني؛ إذ إنَّ الشريعة الإسلاميَّة تحافظ على كرامة الإنسان بمعيار واحد، وتعتبر قيمة الإنسان لا تتغير بتغير الظروف والأحوال، فقيمته أمام نفسه تساوي قيمته أمام الناس، كما أنَّ الشريعة الإسلاميَّة ميَّزت بين جريمة القذف بالزنا كونها الأخطر، وبين القذف والتشهير بغير الزنا، وهذا ما لم يفعله القانون.