حياة الإمام محمد الأمين بن عبدالله الأرمي العلوي الهرري الشافعي

(رؤية تاريخية معاصرة)

الملخص

الإمام محمد بن عبدالله الهرري الشافعي هو واحد من أعظم الفقهاء الإسلاميّين، والعلماء والمفكّرين الصّوفيّين. وقد جمع الإمام الهرري بين الموسوعية الفقهية والتفسيرية والنزعة الصوفية الروحية، واتسم بالذكاء وسعة الأفق وقوة الحجة وإعمال العقل وشدة التبصر، مع شجاعة الرأي وحضور الذهن، كل ذلك أهّله ليكون رائدا في العلوم المختلفة والفنون المتباينة؛ حيث كان فقيها ومفسراً ومحدثاً وصوفيا وأصوليا، يحكمه في كل تلك العلوم إطار محكم من العلم الوافر والعقل الناضج والبصيرة الواعية والفكر الراشد، فصارت له الريادة فيها جميعا، وأصبح واحدا من الموسوعيين المعدودين. والإمام محمد الهرري علوم اجتمعت في عالم، وأشخاص اجتمعت في شخص واحد، لقي عناية كبيرة من الإسلاميين وغيرهم من الغربيين والمستشرقين، حيث قدموا لدراسة فكرة ومنهجه دراسات متنوعة ومتعارضة أحياناً في أحكامها، ونجد فيها خصوبة أَثْرت الفكر الإسلامي أيما إثراء.

فالإمام الهرري تاج على رؤوس أهل السنة، وسيد للحفاظ، وإمام للنقاد، ولما كان لسيرته أثر بالغ على رؤية منهجه في حياته ومصنفاته، كان لزاماً تقريبها وتيسيرها للأمة ثم إني وقفت على كلام شيخي وأستاذي (بروا عبدالغفور) يقول فيه:  ((لو تصدى عارف للإعتناء بها لحصل بذلك خير كبير)) فوقعت هذه العبارة في قلبي موضعاً، وعزمت من لحظتها على صنع ذلك، وبتوفيق الله كان، وهو ما ترونه بين أيديكم.