العوامل المساهمة في تجديد تصاميم أثاث الشّارع

(البيئة الغربيّة نموذجا)

الملخص

شهد العالم الغربيّ خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي تغييرات جوهريّة في سبل تناول الأطروحات الفكريّة المرتبطة بالتّصميم الحضري بصفة عامّة، وبإدارة تصاميم "أثاث الشّارع" بصفة خاصّة. وهي تغييرات أثّرت في عمليّة صنع القرار السّياسي وفي تطوّر مسار الأحداث في تاريخ تصميم أثاث المُدن، مع ما تضمّنه ذلك من بزوغ تيّارات واتّجاهات جديدة في مجال التّصميم. وقد أدّت جملة هذه التّغييرات إلى اختلافات ملحوظة تبلورت على ثلاثة أصعدة؛ منها ما يرجع إلى الإرادة السياسيّة الفعّالة في تطوير رؤيتها للأثاث في الفضاءات العموميّة، ومنها ما يعود إلى بروز أنماط سلوكيّة وتمظهرات اجتماعيّة جديدة في المدينة في علاقتها بالتّصميم، ومنها ما يرجع إلى رغبة المؤسسّات الصّناعيّة في بسط نفوذها الإقليمي عبر إرساء قوانينها الخاصّة وأهدافها المعلنة والخفيّة. وآلت جملة هذه الاختلافات إلى بزوغ صبغة جديدة للتّصميم الحضريّ وفكر تصميميّ مغاير ذي خصوصيّة معيّنة، وكذلك إلى خلق كائن مجتمعيّ غربيّ مختلف، هو وليد عصره المابعد-حداثي، وهو بالمثل وليد بيئته. من الضّروري إذن، إعادة التفكير اليوم في عوامل انتقال الفضاءات الحضريّة الغربيّة ووقعها على نسق الحياة اليومية؛ وهو تفكير يقتضي الحفر في الجهاز المفاهيمي "لأثاث الشّارع" ودلالاته الملتبسة. كما سيكون من المفيد في محلّ آخر البحث في العوامل التي ترتبط بتصميم الفضاء الحضريّ بهدف منهجته حتّى يكون متناغما مع الحاجيات الاجتماعيّة للشعوب وهويّاتها.