من أخبار اللصوص في العصر العباسي

(دراسة سردية: الشخصيات- الزمان- المكان)

الملخص

يزخر تراثنا الأدبي في العصر العباسي بأخبار اللصوص والتي اهتمّ بها الكتّاب والمؤرّخون، حيث خصّص بعضهم فصولًا منفردة بسرد هذه الحكايات، مثل التنوخي في كتابه "نشوار المحاضرة"، والأصفهاني في "محاضرات الأدباء". ويتمثّل هدف البحث في دراسة هذه الأخبار من منظور سردي، مع الوقوف على جوانبها (عناصرها) الأساسية: الشخصيات، والزمان، والمكان.

يتناول الفصل الأول مفهوم الشخصية لغةً واصطلاحًا، مركّزًا على الشخصيات المحورية والثانوية في الأخبار. كما يوضّح البحث كيف يمكن للشخصية أن تكون أداةً سردية حيوية، يمكن تطويعها لنقل الأفكار والمواقف، ويشير إلى أنه في بعض الأحيان يمكن أن يكون اللص نفسه هو الشخصية الرئيسية في السرد، وأحيانًا أخرى تكون الشخصيات الثانوية هي المحرّكة للأحداث.

يهتم الفصل الثاني بالبنية الزمنية، موضّحًا التقنيات الزمنية المُستخدمة في سرد هذه الأخبار، مثل السرد التلخيصي والمشهدي، والتوقّفات الزمنية التي تُستخدم بهدف تعزيز السرد وإثارة فكر القارئ. حيث يُلقِي البحث الضوء على أهمية التوازن بين زمنَي القصة والسرد، وكيف يمكن أن يُعيد الراوي ترتيب الأحداث بطُرُق فنيّة مُبتكرة لخدمة القصة وإبراز جمالياتها.

أما الفصل الثالث، فيناقش البنية المكانية، مع تعريف شامل للمكان في اللغة والاصطلاح. حيث يوضّح البحث كيفية استخدام المكان في النص السردي باعتباره خلفية تقع عليها الأحداث، وكيف يُسهم في رسم إطار واقعي للقصة، بالإضافة إلى دراسة تفصيلية للأماكن المختلفة التي تدور فيها الأحداث مثل الدكاكين، والطُّرُقات، والبيوت، وكيف تُسهم هذه الأماكن في تعزيز السرد وفهم الأحداث.

وفي الختام، يُبيّن البحث أن دراسة الشخصيات، والزمان، والمكان في أخبار اللصوص توضّح أهميتها وقدرتها على إثارة اهتمام القارئ وتفاعله، الأمر الذي يجعلها جزءًا لا يتجزّأ من تراثنا الأدبي الغني. ويفتح هذا البحث المجال لدراسات أكثر حول هذه الأخبار، مما يدعم فهمنا لتاريخنا الأدبي ويُثريه، ويُسهم في إبراز قيمته الحضارية والإنسانية.