بلاغةُ الصُّورة الرَّقميَّة

(قراءةٌ في تلقِّي جائحة كورونا (كوفيد-19))

الملخص

لا يخفى ما لجائحة كورونا (كوفيد-19) من سلطةٍ على العالم الذي وإن تحوّل إلى قريةٍ صغيرة في نواحٍ عدّة وقت عولمته، فقد توحّد تقريبًا على كل الأصعدة بطريقة مفزعة أدهشت العالم، وتبيّن ذلك على نحو جلي في الرسوم الكاريكاتورية الحال الناطقة بذلك؛ لأنَّها الأقرب إلى مواكبة الواقع بطريقةٍ صريحةٍ أو رمزية ساخرةٍ ومُقنَّعة[1]. ومُبدع الصورة يُزاوج بين الرَّسم والتعبير اللساني؛ ليُخرج قالبًا مائزًا تتكثف فيه دِلالة الواقع والرُّؤية الفكريّة العميقة فيه والمصاحبة له. وفن الكاريكاتور من الفنون القديمة جدًّا، ويتعذّر تحديد تاريخ ظهوره؛ ففي الحضارات القديمة نجد أن قدماء المصريين مثلاً قد استخدموه في التعبير الساخر عن رأيهم الحقيقي في أصحاب السلطة برسم الحيوانات، وتسجيلِ تلك الرسوم أو نقشِها على قطع الأحجار والفخّار، فكان الكاريكاتور مُجسّدًا همومهم وقضايا عصرهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ويعتبر الفنانان الإيطاليَّان (أنابال كاراسي) و(جيان لورينزو برنيني) من رواد هذا الفن، والأصل اللغوي لهذه الكلمة من الفعل اللاتيني (كاريكير Caricare)، وأول من استخدمها الفنان الإيطالي (موسيني) عام 1646[2]، وتعني: "رسمًا يُغالي في إبراز العيوب بُغية السُّخرية منها"[3]، وقد احتفظت المتاحف العالمية ببعض المنتجات اليونانية والرومانية التي يلمح فيها دلالة السخرية.^[4]

وتكمن أهميَّة الدراسة في قراءة الصُّورة البصريَّة قراءة نقديَّة، راميةً إلى الكشف عن آليّات إنتاج الصورة الرقميَّة^[5] بلاغةً وأسلوبًا من خلال نماذج مختلفة من الكاريكاتور الناطق بجائحة كورونا (كوفيد-19)، عن طريق البحث عن العناصر المكونة للأيقون البصري واستنطاق دلالات الصورة المرئيّة، وتأثيرها على المتلقي.